responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 557
وَأَرَادَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِظْهَارَ مُعْجِزَةٍ فَتَحَدَّاهُمْ أَوَّلًا، ثُمَّ بَيَّنَ لِلْعِفْرِيتِ أَنَّهُ يَتَأَتَّى لَهُ مِنْ سُرْعَةِ الْإِتْيَانِ بِالْعَرْشِ مَا لَا يَتَهَيَّأُ لِلْعِفْرِيتِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبُ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ لَفْظَةَ (الَّذِي) مَوْضُوعَةٌ فِي/ اللُّغَةِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ عِنْدَ مُحَاوَلَةِ تَعْرِيفِهِ بِقِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَالشَّخْصُ الْمَعْرُوفُ بِأَنَّهُ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ هُوَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَوَجَبَ انْصِرَافُهُ إِلَيْهِ، أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُقَالَ، كَانَ آصَفُ كَذَلِكَ أَيْضًا لَكِنَّا نَقُولُ إِنَّ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ أَعْرَفَ بِالْكِتَابِ مِنْهُ لِأَنَّهُ هُوَ النَّبِيُّ، فَكَانَ صَرْفُ هَذَا اللَّفْظِ إِلَى سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْلَى الثَّانِي: أَنَّ إِحْضَارَ الْعَرْشِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ اللَّطِيفَةِ دَرَجَةٌ عَالِيَةٌ، فَلَوْ حَصَلَتْ لِآصَفَ دُونَ سُلَيْمَانَ لَاقْتَضَى ذَلِكَ تَفْضِيلَ آصَفَ عَلَى سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ الثَّالِثُ: أَنَّ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَوِ افتقر في ذلك إلى آصف لَاقْتَضَى ذَلِكَ قُصُورَ حَالِ سُلَيْمَانَ فِي أَعْيُنِ الْخَلْقِ الرَّابِعُ: أَنَّ سُلَيْمَانَ قَالَ: هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُعْجِزُ قَدْ أَظْهَرَهُ اللَّه تَعَالَى بِدُعَاءِ سُلَيْمَانَ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ، فَقِيلَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، وَالَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَقِيلَ كِتَابُ سُلَيْمَانَ، أَوْ كِتَابُ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمَعْلُومٌ فِي الْجُمْلَةِ أَنَّ ذَلِكَ مَدْحٌ، وَأَنَّ لِهَذَا الْوَصْفِ تَأْثِيرًا فِي نَقْلِ ذَلِكَ الْعَرْشِ، فَلِذَلِكَ قَالُوا إِنَّهُ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ وَإِنَّ عِنْدَهُ وَقَعَتِ الْإِجَابَةُ مِنَ اللَّه تَعَالَى فِي أَسْرَعِ الْأَوْقَاتِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَفِيهِ بَحْثَانِ:
الْأَوَّلُ: (آتِيكَ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا وَاسْمَ فَاعِلٍ.
الثَّانِي: اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ: قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي السُّرْعَةِ، كَمَا تَقُولُ لِصَاحِبِكَ افْعَلْ ذَلِكَ فِي لَحْظَةٍ، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ الثَّانِي: أَنْ نُجْرِيَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالطَّرْفُ تَحْرِيكُ الْأَجْفَانِ عِنْدَ النَّظَرِ، فَإِذَا فَتَحْتَ الْجَفْنَ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ نُورَ الْعَيْنِ امْتَدَّ إِلَى الْمَرْئِيِّ، وَإِذَا أَغْمَضْتَ الْجَفْنَ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ ذَلِكَ النُّورَ ارْتَدَّ إِلَى الْعَيْنِ، فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ من ارتداد الطرف وهاهنا سُؤَالٌ: وَهُوَ أَنَّهُ كَيْفَ يَجُوزُ وَالْمَسَافَةُ بَعِيدَةٌ أَنْ يَنْقُلَ الْعَرْشَ فِي هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الزَّمَانِ، وَهَذَا يَقْتَضِي إِمَّا الْقَوْلَ بِالطَّفْرَةِ أَوْ حُصُولَ الْجِسْمِ الْوَاحِدِ دُفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَكَانَيْنِ جَوَابُهُ: أَنَّ الْمُهَنْدِسِينَ قَالُوا كُرَةُ الشَّمْسِ مِثْلُ كُرَةِ الْأَرْضِ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَسِتِّينَ مَرَّةً، ثُمَّ إِنَّ زَمَانَ طُلُوعِهَا زَمَانٌ قَصِيرٌ. فَإِذَا قَسَمْنَا زَمَانَ طُلُوعِ تَمَامِ الْقُرْصِ عَلَى زَمَانِ الْقَدْرِ الَّذِي بَيْنَ الشَّامِ وَالْيَمَنِ كَانَتِ اللَّمْحَةُ كَثِيرَةً فَلَمَّا ثَبَتَ عَقْلًا إِمْكَانُ وُجُودِ هَذِهِ الْحَرَكَةِ السَّرِيعَةِ، وَثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ زَالَ السُّؤَالُ، ثُمَّ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَالْكَلَامُ فِي تَفْسِيرِ الِابْتِلَاءِ قَدْ مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيَّنَ أَنَّ نَفْعَ الشُّكْرِ عَائِدٌ إِلَى الشَّاكِرِ لَا إِلَى اللَّه تَعَالَى، أَمَّا أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الشَّاكِرِ فَلِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الشُّكْرِ وَثَانِيهَا: أَنَّهُ يَسْتَمِدُّ بِهِ الْمَزِيدَ عَلَى مَا قَالَ: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إِبْرَاهِيمَ: 7] ، وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْمُشْتَغِلَ بِالشُّكْرِ مُشْتَغِلٌ بِاللَّذَّاتِ الْحِسِّيَّةِ وَفَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا كَفَرْقِ مَا بَيْنَ الْمُنْعِمِ وَالنِّعْمَةِ فِي الشَّرَفِ، ثم قال: وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ/ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ غَنِيٌ عَنْ شُكْرِهِ لَا يَضُرُّهُ كُفْرَانُهُ، كَرِيمٌ لَا يَقْطَعُ عنه نعمه بسبب إعراضه عن الشكر.

[سورة النمل (27) : الآيات 41 الى 43]
قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّها مَا كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ (43)

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 557
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست